ضمن سلسلة المقالات القانونية التي يقدمها موقع قسم الشؤون القانونية في رئاسة جامعة كربلاء للفائدة العامة للأقسام والشعب الادارية والقانونية والمالية والتدقيقية والرقابية وللمنتسبين تدريسيين وموظفين..
أوجد القانون طريق قانوني محدّد وفق شروط معينة لاستحصال الدين الحكومي , ورسم المعالم بموجب قانون استحصال الديون الحكومية رقم 56 لسنة 1977 المعدل , والذي عُزّز بتعليمات رقم 9 لسنة 1979, وقد استوف الشكلية القانونية لاستحصال الديون الحكومية , ومن الممكن حصر هذه الإجراءات بثلاث محاور أساسية :
المحور الاول هو تبليغ المدين بموجب تعليمات رقم 9 رقم لسنة 1979 وملحقها اذ أوجدت مرونة عالية في التبليغ من الممكن أن يبلغ خارج أوقات الدوام الرسمي أو بعد غروب الشمس أو خارج محل إقامته أو من قبل احد أفراد عائلته شرط بلوغه سن الرشد , كذلك في حالة الامتناع يثبت محضر بشاهدين ومختار المحلة ويتم لصق التبليغ على داره أو محل عمله . وآخرها في حال مجهولية محل الإقامة يتم تبليغه عبر النشر في صحيفة يومية محلية، وهنا تتضح إرادة المشرع العراقي في منح مرونة عالية وعدم تعقيد عملية التبليغ.
اما المحور الثاني هو حجز أموال المدين عند الامتناع عن تسديد الدين خلال المدة التي حدّدها المشرع والبالغة 10 أيام بعدها يتم الشروع في حجز أموال المدين ويعتبر هذا الحجز حجزاً تنفيذياً على أموال المدين وجبره على تسديد الديون، وفي حالات خاصة بموجب المادة 8 من قانون تحصيل الديون الحكومية رقم 56 لسنة 1977 المعدل يتم حجز أموال المدين قبل الإنذار إذا كان هناك أسباب مبررة خوفا من تهريب المتهم لأمواله، وبعد إيقاع الحجز وتجميد أموال المدين يتم اللجوء إلى إجراءات التنفيذ عبر دوائر التنفيذ التابعة إلى وزارة العدل بغية تطبيق أحكام القانون لاستحصال أموال الدائرة من أموال المدين محجوزة.
اما المحور الثالث هو حبس المدين الممتنع عن الوفاء إذ أجاز المشرّع العراقي بموجب القانون حبس المدين الممتنع عن الوفاء تأسيساً على نص المادة 13 من قانون تحصيل الديون الحكومية عبر طلب من رئيس الدائرة المخولة بتطبيق القانون ويعتبر الحبس إحدى الوسائل التي تقود المدين إلى التنفيذ الجبري لتقييد حريته فترة من الزمن بقصد إجباره على تسديد الدين ، وهذا التطبيق لا يقع إلا بناءً على طلب المدين، إلا أنه من الملاحظ على هذا المحور لا يمكن أن يطبق إذا كان المدين هو شخص معنوي وهنا يقتصر التطبيق على الأشخاص الطبيعيين.
وهنا نخلص الى القول عبر المحاور الثلاثة التي أوجدها المشرع العراقي أنه كان موفق في تضييق الخناق على الدائن لقاء الدين الحكومي في ما يخص إجراءات التحصيل وإن كان الموظف المختص يجد في أحيان وحالات خاصة بعض الصعوبات إلا أن المشرّع منح امتيازات وطرق تفوق الطرق العادية للمواطنين في تحصيل ديونهم، وهذا ناتج بالأصل لكون أن الدين هو مال عام تابع للدولة نتيجة أعمال الإدارة.
إلا أنه الواقع العملي وما يلاحظ على القانون أن الموظف القانوني يجد صعوبة في الخطوة الأولى ألا وهي التبليغ ، وهنا كان الأحرى على المشرع تعديل القانون نتيجة التطور الذي طرأ على الحياة ولمرور فترة زمنية طويلة مرت على تشريع القانون واتباع الوسائل الحديثة والطرق الإلكترونية في آلية التبليغ بغية تسهيل تنفيذ تطبيق القانون لاسترداد الأموال العامة التابعة للدولة.
م.د. علي صبحي عمران
قسم الشؤون القانونية